الثعبان المقدس لابى القاسم الشابى
كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ
يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ
والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ
والكون من طهرِ الحياة كأنما هُوَ معبدٌ، والغابُ كالمحرابِ
والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ، مُنشداً للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ
شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ، ونفسهُ سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ
ورآه ثعبانُ الجبالِ، فغمَّه ما فيه من مَرَحٍ، وفيْضِ شبابِ
وانقضّ، مضْطَغِناً عليه، كأنَّه سَوْطُ القضاءِ، ولعنة ُ الأربابِ
بُغتَ الشقيُّ، فصاح من هول القضا متلفِّتاً للصائل المُنتابِ
وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً: «ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟»
لاشيءِ، إلا أنني متغزلٌ بالكائنات، مغرِّدٌ في غابي
«أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي»
«أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة ً؟! أينَ العدالة ُ يا رفاقَ شبابي؟»
«لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا رأيُ القويِّ، وفكرة ُ الغَلاّبِ!»
«وَسَعَادة ُ الضَّعفاءِ جُرْمُ..، ما لَهُ عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب!»
ولتشهد- الدنيا التي غَنَّيْتَها حُلْمَ الشَّبابِ، وَرَوعة َ الإعجابِ
«أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقة ٌ، مَكْذُوبة ٌ والعَدْلَ فَلْسَفَة ُ اللّهيبِ الخابي»
«لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب»
فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمة َ هازئٍ وأجاب في سَمْتٍ، وفرطِ كِذَابِ:
«يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ، إنَّني أرثِي لثورة ِ جَهْلكَ الثلاّبِ»
والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ
فاكبح عواطفكَ الجوامحَ، إنها شَرَدَتْ بلُبِّكَ، واستمعْ لخطابي»
أنِّي إلهٌ، طاَلَما عَبَدَ الورى ظلِّي، وخافوا لعنَتي وعقابي»
وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ فَرحينَ، شأنَ العَابدِ الأوّابِ»
«وَسَعَادة ُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها يوماً تكونُ ضحيَّة َ الأَربابِ»
«فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة ً، قُدُسية ٌ، خلصت من الأَوشابِ
أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي»
وتكون عزماً في دمي، وتوهَّجاً في ناظريَّ، وحدَّة ً في نابي
«وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي وتصيرَ بَعََض ألوهتي وشبابي..؟
إني أردتُ لك الخلودَ، مؤلَّهاً في روحي الباقي على الأحقابِ..
فَكِّرْ، لتدركَ ما أريدُ، وإنّه
وأشتاق فيك للشاعر فاروق جويده
وأشتاق يا مصر عهد الصفاء
وأشتاق فيك عبير العمر
وأشتاق من راحتيك الحنان
إذا ما رمتني سهام القدر
وأشتاق صدرك في كل ليل
يغني الحكايا ويسجي السحر
وأشتاق عطرك رغم الخريف
تفيق الليالي ويزهو الشجر
وأشتاق من ثغرك الأمنيات
إذا الليل مزق وجه القمر
وأشتاق صوتك: قم يا بني
فما اليأس إلا قبور البشر
وأشتاق فيك.. وأشتاق فيك
وفي الشوق ضاعت سنين العمر
* * *
وألقيت رأسي على راحتيك
كنبض يحن لدفء الحنايا
شكوت إليك زحام الهموم
يعربد في العمر طيف المنايا
تعودت منك العطاء السخي
فما لجحودك يمحو العطايا؟
عتاب وشوق وصبر عقيم
على ليل دربك ماتت خطايا
لقد صرت عندك ضيفا ثقيلا
وحبك يسري هنا في دمايا
غريب وعندك قبري وبيتي
وفيك النقاء.. غدا كالخطايا
* * *
لأني تعلمت منك الحنان
أواسي الفؤاد بقرب اللقاء
سألقاك في كل يوم بقلبي
ويحملني الشوق فوق السماء
وأحلم أني سألقاك يوما
نعانق فيه المنى والضياء
وأشتاق يا مصر عهد الصفاء
لأنك للعمر سر البقاء
hiii

it's very nice 2 see u here

welcome to my alone honey
الجراح للشاعر فاروق جويده
هل من دمائك يسكر السفهاء؟
وعلى رفاتك يرقص الجهلاء؟
وعلى جبينك نام طفل جائع
وعليه تصرخ دمعة خرساء
واليأس يقتلنا بطول ظلامه
وتعربد الأحزان كيف تشاء
وقف الجمال لديك مسلوب الخطى
و تفجرت من وجنتيه دماء
وعلى ظلال الدرب حامت صرخة
الأم يأكل لحمها الجبناء
وسط الذئاب تناثرت أشلاؤها
يا ويح قلبي والأمور سواء
يا من سكرتم من رحيق دمائها
فوق التراب تشرد الأبناء
أبني العروبة لم تزل في مصرنا
رغم الجراح محبة وعطاء
* * *
لو لم تكن مصر العريقة موطني
لغرست بين ترابها وجداني
وسلكت درب الحب مثل طيورها
وغدوت زهرا في ربى بستان
وجعلت من عطر الزمان قلائدا
ونسجت بين قبابها إيماني
فمتى نعيد لمصر بسمة عمرها؟
ما أتعس الدنيا مع الأحزان
* * *
مصر الحبيبة يا رفاقي كعبة
لا تتركوها مرتع الأوثان
فالعمر ليس بضاعة مسلوبة
والعمر ليس بدرهم وغواني
الله يشهد أننا رغم الأسى
لم ننس يوما قبلة الرحمن
يا من سكرتم من رحيق دمائها
وغزوتم الدنيا بزيف لسان
عندي لكم رغم الجراح نصيحة
لا خير في مال بلا إنسان